تتجلي بصمة الفنان الفريدة والتدفق اللانهائي لانعكاساته عندما يُعيد الفن ابتكار نفسه مع كل نظرة.
بقلم كلوديا بينيتيز
HoyLunes – هل يُشكل إعادة الإنتاج تهديدًا لأصالة العمل الفني، أم يُمكن أن يُصبح وسيلةً لتقريب الفن من الناس؟ لطالما شكّل هذا السؤال تحديًا لنا على مر الزمن، وأثار جدلًا حادًا حول العمل الفني.
يُثير هذا النقاش حتي الان جدلًا واسعًا بين لحظة إبداع الفنان للعمل، ولحظة رؤيته مُضاعفًا، ومُترجمًا، ومُعدّلًا – حيث يُعيد المُشاهد إنتاجه، ويُحوّله الزمن.
أشار بعض المفكرين إلى أن النسخ يسلب العمل “هالته“، تلك الفرادة المُرتبطة بزمانه ومكان إبداعه. فرؤية لوحة في متحف تختلف عن تأمل إعادة إنتاجها في كتالوج أو على الإنترنت. يحمل العمل الأصلي حضورًا لا يُضاهى: لمسة الفنان، وأثر الزمن، والفضاء المقدس الذي يُعرض فيه، قوةً تخترق المُشاهد وتدمجه في العمل.

ومع ذلك، فإن اختزال إعادة إنتاج العمل إلى فقدان “هالته” يعني تجاهل البُعد الآخر الذي يفتحه: بُعد الانتشار. لقد سمح تكاثر الصور لملايين الأشخاص، الذين قد لا يسافرون أبدًا إلى فلورنسا أو باريس أو مدريد أو نيويورك، بالتواصل مع روائع عالمية. لقد أتاح التصوير الفوتوغرافي والسينما والنقش والطباعة الرقمية الوصول إلى الفن، محطمًا الحواجز الجغرافية والاجتماعية. من الواضح أن هذا التواصل ليس من نفس طبيعة اللقاء الأصلي، ولكنه ليس أقل قيمة بأي حال من الأحوال – سواءً للعمل أو للمشاهد.
يكتسب إعادة الإنتاج قيمةً في حد ذاته، ليس كنسخةٍ مُفقَرة، بل كجسرٍ يربط المُشاهد بالعمل الأصلي.
فكّروا في الكتب المدرسية المُصوّرة، والأفلام الوثائقية، وشبكات التواصل الاجتماعي: كل إعادة إنتاج تُولّد لقاءً جديدًا مع العمل، وتفسيرًا جديدًا.

يكمن التحدي الحالي في إيجاد التوازن. تتحوّل تجربتنا الجمالية عندما نُدرك زوال وجودنا. كل شيءٍ من حولنا لا يكتسب أهميته إلا لأننا نحن من نُعطيه قيمته. في العلاقة التي نُقيمها مع الآخر، نُكوّن القيمة. في العصر الرقمي، حيث تنتشر الصور بلا حدود، نُخاطر بتقليل قيمة الفن، واختزاله إلى مجرد “وسيط”. لكن في الوقت نفسه، يفتح هذا الانتشار آفاقًا غير مسبوقة: الواقع المعزز، وزيارات المتاحف الافتراضية، والأرشيفات المتاحة من أي مكان في العالم، والقرب من المعلومات، وتفكيك الرأي العام – مما يحولنا إلى أفراد قادرين على بناء مجموعة مختارة مما هو قيّم لبنيتنا الخاصة، وتغذيتنا به كشيء شخصي فريد.

لا يحل إعادة إنتاج العمل الفني محل الأصل، بل يُكمله بجعله سهل الإدارة وفي متناول اليد. تتغير التجربة الجمالية: لم تعد تقتصر على التلامس المادي مع العمل، بل تتوسع إلى أشكال وسياقات متعددة. بهذا المعنى، لا ينبغي اعتبار إعادة الإنتاج تهديدًا، بل فرصة لتوسيع نطاق الفن وتجديد علاقتنا به.
قد لا يكمن التحدي الحقيقي في الاختيار بين الأصل والنسخ، بل في تعلم إدراك قيمة كل منهما. لنصقل ما يُكوّننا، ولنتخلّص مما فقد معناه، ولنتذكّر أن كل شيء في الحياة زائل: كل عمل، كما كل لحظة، له زمن وجوده ثم يتحوّل.
,hoylunes, #claudia_benitez#
 
			 
                                 
                                